لن تطفئ نور الشمس بغربال..!

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لن تطفئ نور الشمس بغربال..!, اليوم الخميس 26 يونيو 2025 12:33 صباحاً


ذكر لي زميلي اللطيف مدير الحسابات في الشركة مثالا باللكنة التونسية الأنيقة يقول «تغطي في عين الشمس بالغربال» مع اختلاف اللهجات، إلا أننا نستخدم المعاني نفسها، فالمثل هذا يقال عندما يحاول شخص إخفاء حقيقة واضحة وضوح الشمس، لكن باستخدام وسائل واهية لا تنجح في التمويه، هو نقد لمن يحاول التستر على أمر فاضح أو مكشوف، وكأنك تقول له: الحقيقة واضحة ولن تستطيع إخفاءها مهما حاولت، والغربال بالمناسبة لمن لا يعرفه هو أداة تتكون من شبكة وإطار خشبي في الغالب، يعتمد عملها على استغلال الشبكة في حجز أجزاء المادة التي لا يمكنها المرور عبر الثقوب التي تشكلها وبالتالي فالضوء لا ينطبق عليه هذا الدور الذي يقوم به الغربال.

المقصود من ذكر ذاك المثل من قبل زميلي أو القصة تعود لما يحدث في بعض الإدارات من محاولة لتضليل الواقع الملموس على موظفي القطاع بطرق لا تنفي وجوده بل تثبته، ولعل المثال الأكبر على هذا الأمر هي نظرية الحصان الميت، هي استعارة ساخرة تُستخدم في عالم الإدارة والأعمال، وتعبّر عن الإصرار على الاستمرار في مشروع أو استراتيجية فاشلة، رغم وضوح عدم جدواها، أصلها يعود إلى حكمة من قبائل الهنود الحمر تقول «إذا اكتشفت أنك تركب حصانا ميتا، فإن أفضل استراتيجية هي النزول عنه».

إلا أن هذا الأمر لا يحدث في الواقع، فكثير من المؤسسات عندما تواجه مشروعا متعثرا، خاصة إذا كان صاحب المشروع أو الفكرة ممن يصعب عليه التنازل عن قناعاته.. ويصبح الأمر أكثر تعقيدا إذا كان من الصفوف الأولى في اتخاذ القرار، فبدلا من التوقف عن المشروع والبحث في مشاريع وأفكار أخرى.. تلجأ الإدارة إلى البحث عن حلول غير فعالة مثل: ضخ المزيد من الموارد أو تغييرها، تغيير الفريق المسؤول، خفض المعايير لتبدو النتائج مقبولة، عقد اجتماعات مطولة بلا جدوى.

لعلي أذكر مشهدا كوميديا في إحدى المسرحيات كان يذكر فيه الممثل أنه ورث مبلغا من المال مع إخوته، وللحفاظ على ذلك المال قاموا بشراء سيارة وتعيين سائق للاستفادة من مردود تلك السيارة بالتوصيل، وأن تلك السيارة تتسع لسبعة من الركاب وحتى تتم مراقبة التحصيل قام جميع الإخوة السبع بمرافقة السائق، وسؤالهم الذي كان يتراود إلى أذهانهم (لماذا لم نحقق مكسبا من تشغيل تلك السيارة..؟) ثم بعد البحث عن الحلول الممكنة دون جدوى.. قاموا باستشارة خبير، الذي أشار إليهم قائلا ببساطة: في الحقيقة لن تحققوا أي مكاسب ما دمتم تقومون بهذه الخطة في العمل، الحل..! غيّروا السوّاق.

ليس دائما التغاضي عن الحقيقة أمرا عفويا، خاصة عندما يتعلق الأمر بمجتمع الأعمال، فليست النزاهة أمرا حتميا دائما، كما أن المطامع الشخصية والحرب على الكراسي موجودة منذ الأزل، تقل هنا وتكثر هناك وتنخفض النسبة كلما نجح أصحاب القرار في تحقيق الشفافية والحوكمة والتطوير المستمر وإلا سيبقى الغربال بديلا لتحليل سوات.

eman_bajunaid@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق