التخطيط وسلم المشاركة العامة

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التخطيط وسلم المشاركة العامة, اليوم الأحد 29 يونيو 2025 02:57 صباحاً

أحرص عادة على حضور ورش المشاركة العامة حسب توفر الوقت لتعزيز التغذية الراجعة ودعم مبدأ استقراء آراء المشاركين. ولكن أشعر أحيانا بالإحباط؛ لأن جل اهتمام المنظمين يتمحور في إنجاز هذه الورشة وجمع الأوراق على عجل ووضعها سريعا في حقيبة جلدية. لا أعرف لمَ راودني شعور أن مصير هذه الاستمارات هو سلة المهملات. قد أكون متشائما ولكن ما هو دور المشاركة العامة وهل تكفي وحدها في التأثير على صناعة القرار؟

في الواقع، تلجأ (بعض) المؤسسات والقطاعات إلى استقراء مشاركة المجتمع أو العاملين في القطاع لتحسين العملية الإجرائية «شكليا» ولكنها ليست بالضرورة أن تقود في نهاية المطاف إلى تحسين المنتج العمراني أو استجلاء الفجوات في العملية التخطيطية أو منظومة العمل نفسها. لذلك، فالمشاركة المجتمعية وحدها لن تكون فاعلة إذا لم تمتلك قوة التأثير. من هذا المنطق، اقترح Arnstein سلما للمشاركة يعد أحد أكثر النماذج شيوعا في مجال المشاركة العامة Public participation.

طرح Arnstein في عام 1969 تساؤلا هاما حول ماهية المشاركة العامة وجدلية اعتبارها مشاركة حقيقية أم مشاركة شكلية؟ ليضيف أن المشاركة بحد ذاتها تبقى مجرد ادعاء لتجميل عملية التخطيط واكتساب المزيد من الموثوقية للمؤسسات والجهات المعنية. ولكنها في الوقت ذاته، قد تزيد من الفجوة بين المجتمع ومؤسسات التخطيط العمراني، فالمجتمع لن يشارك في كل مرة إذا شعر أن مشاركته ليس لها أي أثر ملموس. سابقا كنا نشعر بشغف في تعبئة الاستبيانات واستطلاعات الرأي؛ أما اليوم فالعديد من استطلاعات الرأي التي تصل إلى صناديق البريد الالكتروني يتم حذفها قبل قراءتها.

قدم Arnstein سلما يقيس درجة المشاركة وفعاليتها يبدأ من المستويات الدنيا الرمزية والتي يصفها بالسلطة الزائفة، أي أن المجتمع ليس لديه أي سلطة على التأثير في الخطة العمرانية، وينتهي إلى درجة السلطة الفعلية وهي القدرة على تعديل أو تطوير أو حتى رفض الخطة المقترحة.

أولا: تعتمد المستويات الدنيا في المشاركة على تجميل المراحل الإجرائية في العملية التخطيطية، من خلال مشاركة شكلية للمجتمع أو مجموعات أصحاب المصلحة في ورش عمل أو جلسات استماع علنية غالبا ما تكون مصحوبة بتغطيات إعلامية. تهدف هذه المشاركة إلى تحسين الإطار الشكلي للعملية التخطيطية دون الخوض في معالجة الخطة المقترحة للمشاكل والقضايا التي تمس المجتمع أو حتى إعطاء معلومات حقيقية عن الخطة. فرصة المجتمع في إضافة مدخلات مستنيرة في هذه المستويات صفرية. وغني عن البيان، فجميع المشاركات أو الاستمارات التي يتم جمعها في هذه المشاركة سوف تحفظ في الأرشيف أو يكون مصيرها سلة المهملات مع التفاخر بالطبع في إنجاز ورشة المشاركة المجتمعية أمام المسؤولين.

ثانيا: المستويات الوسطى من المشاركة، وتهدف إلى تمكين المجتمع من الحصول على بيانات حقيقة حول الخطة المقترحة دون أن يكون لهم القدرة على المشاركة فيها. تتسم هذه المستويات بالرمزية، حيث يمكن للمجتمع الإدلاء بالآراء لكنها ليست بالضرورة يؤخذ بها من قبل صانع القرار. ويتم تصنيف مدخلات المجتمع في هذه المستويات بأنها منخفضة جدا أو منخفضة.

ثالثا: المستويات العليا من المشاركة، وهي تلك التي تمنح المجتمع حق التفاوض والتأثير في الخطة المقترحة وصناعة القرار. ويتخذ المجتمع في هذه المستويات دوره كشريك في عملية صناعة القرار ومناقشة نقاط القوة والضعف في المشروع. ويتم تصنيف مدخلات المجتمع في هذه المستويات بأنها متوسطة إلى مرتفعة.

وفي الختام، أتساءل إلى أي درجة وصلنا في سلم المشاركة المجتمعية؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق