«كارمينا بورانا» باليه يكسر القوالب التقليدية

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إدوارد كلوج: شعرت هنا بانفتاح وفضول ثقافي
دبي: مها عادل
في أمسية فنية استثنائية، استضافت دبي أوبرا على مدار يومين، عرض باليه «كارمينا بورانا» الذي قدمته فرقة باليه المسرح الوطني السلوفيني «ماريبور».
العرض الذي اختتم عروضه مساء السبت، والمستوحى من الكانتاتا الشهيرة للموسيقار الألماني كارل أورف، جاء بتصوّر جديد يمزج بين الباليه الكلاسيكي والتعبير الحركي المعاصر.
منذ اللحظات الأولى، بدا واضحاً أن العرض يهدف إلى كسر القوالب التقليدية لعروض الباليه. الإضاءة الخافتة التي غلبت على معظم فترات العرض، خلقت جواً درامياً مكثفاً.
الراقصون والراقصات قدموا أداءً جسدياً عالي الكثافة، تميز بالقوة والانضباط، إلا أن بعض المشاهد بدت أقرب إلى التمارين البدنية منها إلى الرقص التعبيري، مما قد يربك المتلقي الذي يتوقع حركات باليه أكثر انسيابية ورشاقة.
كان واضحاً أن العرض لا يسير على نهج عروض الباليه التقليدية. المسرح غارق في عتمة متواصلة، لا تخرقها إلا إضاءات متقطعة ودرامية تُستخدم لخلق عوالم نفسية لا لتوضيح تفاصيل الحركات. لم تكن هناك أزياء مبهرة، ولا خلفيات مرسومة أو مشاهد لونية زاهية. بدلاً من ذلك، عوّل المخرج السلوفيني إدوارد كلوج على طاقة الأجساد ومرونتها في استدعاء الرموز العاطفية والفكرية للعمل.
كانت الموسيقى، خاصة المقطوعة الافتتاحية الشهيرة المسماة «أو فورتونا»، من أبرز عناصر العرض. الأداء الكورالي أضاف عمقاً عاطفياً وزاد من التوتر الدرامي، مما أسهم في خلق تجربة سمعية مميزة، ونجح مخرج العرض في تحقيق توازن وتناغم محسوب بين الموسيقى والغناء الروحاني والحركات الفردية أو الجماعية الكثيفة بالعرض، وهذا من النقاط المضيئة بالعرض.
التصميم الفني للعرض، من ديكور وأزياء وإضاءة، كان متقناً ويعكس رؤية إخراجية واضحة. المخرج الإبداعي إدوارد كلوج نجح في تقديم عرض بصري جريء ومتكامل. التناغم بين العناصر الفنية المختلفة أظهر احترافية الفريق الإبداعي وأسهم في تقديم تجربة فنية متماسكة.
وفي كواليس العرض، التقت «الخليج» مع إدوارد كلوج ليطلعنا على أهم نقاط القوة والتميز بالعرض، فقال: «كارمينا بورانا» عمل فريد من نوعه في بنيته، فهو ليس باليها سردياً بالمعنى التقليدي، بل هو سلسلة قوية من اللوحات الشعرية والعاطفية. ما يجعل هذا العمل مميزاً هو تناغم جميع عناصره من موسيقى أورف المذهلة، وتصميم الديكور البسيط والرمزي، واللغة الجسدية المكثفة للراقصين. بالنسبة لي، الرحلة العاطفية التي نصنعها معاً كفريق هي ما يميز هذا العمل. وتصميم الرقصات لا يجسد الموسيقى، بل ينقلها، مما يسمح للجمهور بتجربة الدوافع الإنسانية الكامنة: الرغبة، القدر، التجديد، والنشوة.
وعن رؤيته للمناخ الفني لدبي التي يزورها وفريقه لأول مرة، يقول: هي مدينةٌ تتعايش فيها الحداثة والتقاليد بطرقٍ آسرة، ودار الأوبرا تعكس هذه الروح بشكلٍ مثالي. نشعر بالترحيب والتحدي في آنٍ واحد، وهذا بالضبط المناخ الذي يزدهر به الفنّ الجيد.
ويضيف: هذه هي المرة الأولى التي تُقدّم فيها فرقة باليه المسرح الوطني السلوفيني «ماريبور» عرضها في دبي أوبرا، وهو شرفٌ عظيمٌ لنا. المكان مذهلٌ، ليس فقط من حيث هندسته المعمارية، بل أيضاً من حيث إمكانياته التقنية وأجوائه. أشعر هنا بانفتاحٍ وفضولٍ ثقافيٍّ حقيقيّ.
وقال عن ملامح العرض وفلسفته: منذ عرضه العالمي الأول في مونتريال عام 2019.
يستند «كارمينا بورانا» إلى نصوص من العصور الوسطى تستكشف فكر ومراحل تطور الوجود البشري ويناقش مفاهيم ومشاعر أصيلة مثل القدر، والطبيعة، والحب، والمتعة، وعجلة الحظ التي تدور باستمرار. لا يتناول هذا الإنتاج قصة روائية مكتوبة، بل يُقدم تفسيراً راقصاً لهذه المواضيع.
ويتابع عن أعضاء الفريق: يضمّ العرض أكثر من 30 راقصاً يُشكّلون فرقةً متماسكةً وديناميكيةً. خلف الكواليس، لدينا فريقٌ مُتفانٍ من الفنيين، ومديرو المسرح، ومصممو الإضاءة، ومساعدو الأزياء، ومنسّقو الإنتاج. نحن مجموعة من نحو 50 شخصاً يعملون معاً بشكل وثيق لإحياء هذا الإنتاج.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق