نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من شراكة الأمس إلى ريادة الغد: كيف تعيد السعودية وأمريكا رسم ملامح القطاع الصحي, اليوم الخميس 22 مايو 2025 01:26 صباحاً
ومن بين أبرز هذه المجالات كان للقطاع الصحي نصيبٌ وافر من هذا التعاون، حيث ساهمت الولايات المتحدة في تأسيس وتشغيل عدد من المستشفيات التخصصية المتقدمة وفق أحدث المعايير الطبية العالمية، ولم تكن هذه الخطوة مجرد بناء مرافق علاجية؛ بل كانت بداية لرؤية شاملة نحو بناء منظومة صحية عصرية قائمة على البحث والكفاءة وجودة الخدمة.
ولعل المثال الأبرز على هذا التعاون النموذجي هو مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الذي أُنشئ في مدينة الرياض، وتم إسناد إدارته في سنواته الأولى إلى شركة Hospital Corporation of America (HCA) الأمريكية الرائدة في تشغيل المستشفيات. لم يكن المستشفى مجرد منشأة طبية، بل مشروع وطني رائد يجسد طموح المملكة في أن تكون وجهة طبية وعلمية في المنطقة.
وقد أثمر هذا التعاون على مدى العقود في تحويل المستشفى إلى صرح من صروح التميّز الطبي ليس على المستوى الإقليمي فقط وإنما على المستوى العالمي أيضا، فقد صُنف المستشفى الأول في الشرق الأوسط وإفريقيا والـ15 عالميا ضمن أفضل 250 مؤسسة رعاية صحية أكاديمية في العالم لعام 2025، كما أدرج ضمن أفضل المستشفيات الذكية في العالم وفقا لمجلة "نيوزويك" (Newsweek)، إلى جانب كونه العلامة التجارية الصحية الأعلى قيمة في المملكة والشرق الأوسط لعام 2024 بحسب "براند فاينانس" (Brand Finance)، وهو ما يؤكد ريادته وتأثيره المتنامي.
وعلى مر العقود لم تتوقف هذه الشراكة عند حدود المستشفيات، بل امتدت لتشمل برامج تدريبية مشتركة وأبحاثا علمية متقدمة وتبادلا للخبرات، مما ساهم في تطوير الكوادر الوطنية بجانب تعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي للرعاية الصحية المتخصصة.
واليوم، وبعد مرور أكثر من خمسة عقود على تلك البدايات، تشهد العلاقات السعودية - الأمريكية فصلا جديدا من التعاون، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته الأخيرة للمملكة عن اتفاقيات واستثمارات تاريخية بقيمة 600 مليار دولار تشمل قطاعات متعددة ومن ضمنها القطاع الصحي.
من أبرز هذه الاستثمارات إعلان شركة "شامخ IV سوليوشنز" عن استثمارات بقيمة 5.8 مليارات دولار تتضمن إنشاء مصنع متخصص لإنتاج المحاليل الوريدية (مؤتمت بالكامل ومدعم بالذكاء الاصطناعي) في كل من المملكة والولايات المتحدة، مما يعزز من قدرات التصنيع الطبي، ويعكس التزام المملكة بتطوير سلاسل الإمداد الحيوية.
كما وقع مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث خلال منتدى الاستثمار السعودي - الأمريكي خمس اتفاقيات استراتيجية شملت التعاون مع مؤسسات طبية وعلمية عالمية كمركز كليفلاند كلينك وميدترونيك وأميونيتي بايو، وذلك في مجالات طب الأعصاب والتقنيات المناعية والطب الرياضي بالإضافة للمختبرات الطبية، وهو ما يعكس توجه المستشفى نحو التكامل مع أفضل الممارسات العالمية في البحث والعلاج.
تأتي هذه الاتفاقيات في إطار رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تحويل القطاع الصحي إلى نموذج عالمي من خلال التركيز على التقنيات الحيوية والابتكار، ومن المتوقع أن تساهم هذه الاتفاقيات والشراكات في نقل وتوطين التقنيات الطبية المتقدمة وتطوير الكفاءات الوطنية بالإضافة لتعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي وعالمي متميز في مجال الصحة.
إن هذه الخطوات الاستراتيجية تعكس التزام المملكة بتعزيز الشراكات الدولية لتحقيق أهدافها التنموية، وتؤكد على أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات الصحية المستقبلية، ومن خلال هذه الاتفاقيات والشراكات تواصل المملكة مسيرتها نحو تحقيق نظام صحي متكامل ومستدام يلبي التطلعات الوطنية ويعزز من جودة الحياة في المملكة.
0 تعليق