هل تعلم أن عقلك، ذاكرتك، مهاراتك، وحتى مشاعرك، كلها تعمل وفق قانون بسيط؟ ما تستخدمه يبقى حيا ويتطور، وما تهمله يذبل ويندثر، ويشير قانون الاستخدام والممارسة إلى أن القدرات العقلية والنفسية تتطور مع الاستخدام المستمر وتضعف مع الإهمال، ومن خلال دراسات علم النفس العصبي أكدت أن الدماغ قابل للتشكيل المستمر، أي أن الوصلات العصبية تتغير وتنمو بناء على طريقة استخدامنا لها.

إذا حفزنا منطقة معينة في الدماغ بشكل مستمر، فإنها تصبح أقوى وأكثر كفاءة، وإذا تجاهلناها، تبدأ في الانكماش، ويشير أيضا علم النفس الإيجابي إلى أن المهارات النفسية مثل الصبر، التفاؤل، الذكاء العاطفي، والقدرة على إدارة القلق، جميعها تحتاج إلى ممارسة واعية للحفاظ عليها وتعزيزها.

فالبشر كائنات تعتمد على التكيف المستمر، وهذا التكيف يرتكز على استخدام القدرات المعرفية والمهارية. فكما أن العضلات الجسدية تحتاج إلى تمرين مستمر للحفاظ على قوتها، كذلك القدرات النفسية، ويمكن شرح قانون الاستخدام النفسي الذي يعتمد على مبدأ أن العقل مثل العضلة: يحتاج إلى تمرين منتظم ليحافظ على قوته ومرونته. إذا أهمل الإنسان جانبا معينا من قدراته، فإن هذا الجانب يذبل تدريجيا حتى يضعف وربما يختفي.

ويمكننا أن نذكر عدة أمثلة على ذلك؛ مثال ذهني: شخص كان يتمتع بذاكرة قوية أثناء دراسته، لكنه بعد سنوات من عدم القراءة أو التدريب الذهني بدأ يعاني من النسيان وصعوبة التركيز.

مثال مهاري: من كان يجيد الكتابة أو الرسم أو العزف، وتوقف عن ممارسة مهارته لفترة طويلة، يجد أن مستواه تراجع بشكل ملحوظ. مثال نفسي: شخص كان يتمتع بالمرونة النفسية وقوة التحمل، ولكن بعد فترة من الراحة وعدم مواجهة التحديات، أصبح أكثر هشاشة أمام الضغوط.

ويمكن تطبيق قانون الاستخدام والممارسة بالمحافظة على:

• التعلم المستمر: حتى في الإجازات الرسمية، من المفترض الحرص على القراءة وتعلم مهارات جديدة وممارسة جولات التحدي الذهني.
• ممارسة المهارات الاجتماعية: مثل القدرة على التواصل، التفاوض، التعاطف مع الآخرين؛ إذا لم تُمارس بشكل مستمر فإنها تضعف.
• المرونة النفسية: مواجهة الصعوبات الطفيفة بين حين وآخر، حتى نحافظ على القوة الداخلية ولا نتعرض للانهيار أمام الأزمات.
• الاهتمام بالصحة النفسية: عبر جلسات التأمل، الوعي بالذات، التدريب على التفكير الإيجابي، بدلا من ترك النفس تتيه وسط التلقائية السلبية.

وفي المقابل فإن تجاهل قانون الاستخدام والممارسة، يعمل على ضعف الذاكرة والانتباه وتراجع القدرة على اتخاذ القرارات وحل المشكلات، مما يؤدي لحدوث هشاشة نفسية أمام الضغوط اليومية وفقدان الشغف والطموح مع مرور الزمن.

إن قانون الاستخدام والممارسة يذكرنا بحقيقة جوهرية وهي أن الإنسان كائن ديناميكي غير قابل للثبات، فقدراتنا مؤهلة للتطور إذا أردنا ووعينا بأن ما نستخدمه سيستمر، وما لا نستخدمه سنخسره.

Yos123Omar@