فضفضة نووية بيئية

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فضفضة نووية بيئية, اليوم الخميس 10 يوليو 2025 05:11 صباحاً


مع بدء الصيف اللاهب، أضافت «ضربات» أمريكا الأخيرة على إيران حرارة عالمية من نوع آخر، استهدفت هذه الضربات منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، ومحطة نطنز النووية، ومركز أصفهان للتكنولوجيا والأبحاث النووية، مؤكدة أن التفاعلات الجيوسياسية باتت تتجاوز فعالية تسخين الغلاف الجوي.

في مسرح العلاقات الدولية كل شيء يصنع، لم ننتهِ بعد من حصد آثار الطاقة النظيفة النووية! وفصول الرعب التي خففت من وطأته الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأطلت بتصريحاتها بالغة الحذر والحزم!

الطاقة النووية كانت ولا تزال مصدر رعب وتهديد كبير للعالم، بصراع لا يعرف متى وأين سيشتعل؟

بعد الضربات الأخيرة بيونيو 2025 على مواقع إيران النووية اعترفت الوكالة بـ»أضرار إضافية واسعة النطاق» في أصفهان، وأن فوردو «تأثرت بشكل مباشر.

ولكن، لا تقلقوا أيها القلقون! فقد «لم يتم رصد أي زيادة في مستويات الإشعاع خارج المواقع المستهدفة حتى الآن» يا لها من راحة نفسية عجيبة!

ويبدو أن الأولوية هنا للسياسة والعمليات العسكرية، حيث تم التركيز على ضرب القدرات الإيرانية التخصيبية في خضم ذلك، يتم تجاهل أو التقليل من حجم الكوارث البيئية والإنسانية المحتملة، دون وجود خطط واضحة للتعامل مع التداعيات المدمرة لأي ضربات.

علما بأن إيران علقت مؤخرا تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يجعل عملية المراقبة والتقييم المستقل للوضع داخل المنشآت أكثر صعوبة.

تميل بعض التقييمات إلى تبسيط آثار التلوث الإشعاعي والأضرار البيئية للضربات الأمريكية وتقليل المخاطر من ضرب المواقع غير العاملة، حيث تركز على أن الضرر «محدود» وأثره «محلي». كما تغفل هذه التقييمات التأثيرات الكيميائية السامة للمواد المستخدمة في التخصيب. التأثيرات الكيميائية السامة للمواد المستخدمة في التخصيب هذا التبسيط يتجاهل العوامل المعقدة مثل طبيعة المواد المشعة، انتشار الغبار المشع عبر الرياح لمسافات بعيدة، وتأثيره على مصادر المياه والتربة والغذاء، وبالتالي على صحة السكان على المدى الطويل.

يقلل هذا التسطيح والطرح من خطر الحروب وخطر الاستهداف المتعمد أو غير المتعمد للمفاعلات النووية، مما قد يؤدي إلى كوارث إنسانية وبيئية تتجاوز حدود النزاع. كما أن الأوضاع المتوترة في زمن الحرب يمكن أن تدفع بعض الدول نحو تطوير أسلحة نووية مستغلة بنيتها التحتية المدنية، مما يزيد من تهديد الانتشار النووي. لذلك، فإن الحفاظ على الأمن والسلامة النووية في أوقات السلم والحرب على حد سواء يمثل تحديا سياسيا بيئيا.

توجد احتمالية حدوث سيناريوهات أسوأ، خاصة إذا تم استهداف مفاعل نووي عامل مثل بوشهر، والذي يمكن أن يؤدي إلى تسرب إشعاعي كارثي وواسع النطاق. إن اللعب مع «قنابل موقوتة» ثابتة على الأرض يعد خطرا جسيما.

فعندما تستهدف منشآت نووية، فإن خطر التلوث الإشعاعي يصبح حقيقة لا مفر منها. تخيلوا أن انفجارا حراريا كبيرا أو «انصهار قلب» مفاعل لن ينشر الموت الفوري فحسب، بل سيطلق أيضا سحبا من السموم الإشعاعية، التي لا تعرف حدودا ولا تأبه بالحدود السياسية لأي دولة. هذه السحب ستسافر مع الرياح، لتهب على القريب والبعيد، لتزرع بذور السرطان والتشوهات في أجيال لم تولد بعد، وتخلف دمارا بيئيا وصحيا في المنطقة بأسرها، بما في ذلك دول الجوار.

وبما أن طبول الحروب النووية قد توقفت أو منحتنا هدنة، وتنفست البشرية قليلا نعود للحديث عن الاحتباس الحراري! فمن الواجب على العالم أن يحوّل اهتمامه بشكل منطقي إلى الاحتباس الحراري!

لنعود لمشهد الصيف والأحدايث البيئية وارتفاع درجات الحرارة القياسية.
مع ارتفاع الحرارة، لا يجرؤ البعض على مغادرة برودة المكيف، وتجد عقولنا متسعا للتفكير العميق والتفلسف أحيانا والفضفضة بأخرى، وأود الفضفضة في السطور القادمة، بخصوص الوصفة التسويقية لمواجهة حمى الكوكب الطاقة النووية (النظيفة والصديقة للبيئة)، هذا التصنيف (الكاذب) والذي يستند فقط على أنها مصدر منخفض الكربون.

إنها الحيلة التسويقية البارعة في زمن «حمى التغير المناخي» والسردية السائدة بربط هذه الظواهر بشكل مباشر بالأنشطة البشرية بشكل يحجم من أي تأثيرات أخرى، ويركز على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الاستخدام المفرط للوقود الأحفوري والمطالبة بالحد من هذا الاستخدام كحل رئيسي. التسويق يخترق كل حياتنا، وهذه الحيلة أطلقها صناع القرار والمروجون للطاقة النووية بالعالم.

لا أعلم كيف تم تصنيفها بطاقة نظيفة وصديقة، لا يوجد شيء صديق للبيئة بشكل كامل لا منتجات ولا مصادر طاقة، كل شيء له أثر بيئي إما في مراحل الإنتاج أو النقل أو التخلص، الهدف الأساسي للإنسان تقليل التأثيرالبيئي السلبي قدر الإمكان والحد منه.

(ما علينا... كلام تسويقي!)
الحقيقة تعد الطاقة النووية سلاحا ذا حدين؛ فبقدر ما تقدمه من وعود بتلبية احتياجات الطاقة المتزايدة، تحمل في طياتها مخاطر جسيمة قد تؤدي إلى كوارث بيئية وإنسانية مدمرة، كما أن الصناعة النووية تعمل باستمرار على تطوير وتحسين معايير السلامة والتصميمات لمنع وقوع الحوادث وتقليل المخاطر المحتملة، تعتمد الدول التي تمتلك مفاعلات نووية على هيئات تنظيمية صارمة لضمان أعلى مستويات الأمان.

لكن لنتحدث عن وصف الطاقة النووية بـ»النظيفة» أو الصديقة للبيئة إنها الكذبة الكبرى.

في سياق البحث عن بدائل للوقود الأحفوري، يتم الترويج للطاقة النووية كـ»طاقة نظيفة»، ورغم أنها لا تنتج انبعاثات كربونية مباشرة أثناء التشغيل، إلا أن هذا الوصف يتجاهل التحديات البيئية الكبيرة المرتبطة بدورة حياتها الكاملة، مثل النفايات المشعة عالية الخطورة التي تحتاج إلى تخزين آمن لآلاف السنين، والمخاطر الكارثية المحتملة للحوادث النووية السلمية والحربية، بالإضافة إلى التلوث البيئي الناتج عن عمليات تعدين وتخصيب اليورانيوم. هذا التبسيط يغيب عن النقاش العام غالبا ويجعل الصورة غير مكتملة.

فمعالجة المعضلة الحقيقية للنفايات النووية التي تظل خطرة لعشرات الآلاف من السنين (حتى الآن، لا يوجد حل دائم لها سوى دفنها عميقا تحت الأرض على أمل ألا يجدها أحد)، يتم اختزال النووي في قصة على الرغم من الأخطار ومع وجود سرد قصصي مرعب يؤكد مدى نظافتها وصداقتها! ومخاطرها في الحوادث الكبرى مثل تشيرنوبل وفوكوشيما. «لا يوجد انبعاث كربوني».

للفضفضة البيئية بقية، لنستعرض في المقال القادم أبرز حوادث الطاقة النظيفة النووية الكبرى التي تركت بصماتها في تاريخ البشرية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق