سريناغار - أ ف ب
تبادلت الهند وباكستان الخميس، الاتهامات بسوء إدارة الترسانة النووية، بعد أيام من مواجهة عسكرية بينهما تعدّ الأسوأ منذ قرابة ثلاثة عقود.
وكان وزير الدفاع الهندي راجنات سينغ أوّل من بادر، معتبراً أنه «يجب وضع الترسانة النووية الباكستانية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وقال خلال زيارة للمقر العام للقوات المسلحة في سريناغار، كبرى مدن كشمير الهندية،: «أريد أن أطرح سؤالاً على دول العالم: هل إن الأسلحة النووية آمنة عندما تكون بين أيدي دولة خارجة عن السيطرة وغير مسؤولة؟».
وردّت باكستان من جهتها عبر بيان لوزارة الخارجية جاء فيه: «إذا ما كان هناك داعٍ للقلق بالنسبة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأسرة الدولية، فإنه بشأن عمليات السرقة المتكرّرة والحوادث المرتبطة بالاتّجار بمواد نووية وإشعاعية في الهند». وطالبت بـ«تحقيق معمّق» في برنامج الهند النووي، متّهمة جارتها بإقامة «سوق سوداء للمواد الحسّاسة المزدوجة الاستخدام».
والأسبوع الماضي، سجّلت أعنف مواجهة عسكرية بين الخصمين النوويين منذ حرب 1999.
وبدأت الأزمة الأخيرة، بعدما أطلق مسلحون النار وأردوا 26 رجلاً معظمهم من الهنود، في موقع سياحي في كشمير الهندية في 22 إبريل/ نيسان الماضي.
وتوعدت الهند بالرد، متهمة جماعة متشددة تدعمها إسلام آباد بالوقوف وراء الاعتداء. ونفت باكستان ضلوعها.
وأطلقت نيودلهي ليل 6-7 مايو/أيار صواريخ على مواقع باكستانية قالت، إنها معسكرات تضم أفراداً من الجماعة التي تتّهمها بالوقوف وراء هجوم باهالغام. وسارعت باكستان إلى الرد. وأثارت المواجهة الأخيرة مخاوف عالمية من احتمال اندلاع حرب شاملة.
وبعد أربعة أيام شهدت هجمات بالصواريخ والطائرات المسيَّرة والمدفعية أسفرت عن مقتل 60 شخصاً، ونزوح الآلاف من الجانبين، أعلنت هدنة السبت بمبادرة مفاجئة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
- تصعيد كلامي
وأشاد ترامب بمنعه «حرباً نووية» كان من الممكن أن تحصد أرواح الملايين. والخميس، حذّر الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي-مون من «احتمال انهيار نظام الأمن الدولي برمّته، إذا ما استخدمت الهند أو باكستان أسلحة نووية». وما زال البلدان يتقيّدان ببنود الهدنة، بالرغم من النبرة الحادة في التصريحات الرسمية.
وهما أعلنا الخميس تمديد وقف إطلاق النار رسمياً إلى الأحد، وفق ما أفاد وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار.
وبالرغم من الهدنة في الميدان، يصعّد الطرفان نبرة التهديدات.
- «ابتزاز نووي» و«قطع المياه»
والخميس، حذّر وزير الخارجية الهندي من أن الهند لن تستأنف العمل بمعاهدة السند لتشارك المياه مع باكستان، طالما لم تتوقّف الأخيرة عن دعم «الإرهاب العابر للحدود».
وقال سوبرامانيام جايشانكار أمام الصحفيين،: إن «المعاهدة معلّقة. وستبقى على هذه الحال إلى أن تضع باكستان حدّاً بشكل قابل للتصديق ولا رجعة فيه للإرهاب العابر للحدود». وعلّقت نيودلهي مشاركتها في الاتفاق المبرم سنة 1960 مع إسلام آباد بعد هجوم باهالغام.
وقبل اشتعال المواجهات بين البلدين، هدّد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بـ«قطع مياه» الأنهر التي تنبع من بلده، وتتدّفق إلى باكستان، وخاصة ولاية البنجاب محور الزراعة في البلد.
ومساء الاثنين، قال مودي في خطاب متلفز،: إن «الهند لا تقبل بأيّ ابتزاز نووي». ونفت الهند معلومات تمّ تداولها في الأيّام الأخيرة تفيد باستهدافها منشأة نووية باكستانية خلال المواجهات الأخيرة.
وقال المارشال في سلاح الجو الهندي إيه. كي. بهارتي: «لم نضرب تلال كيرانا وما فيها» في إشارة إلى سلسلة جبال صخرية شاسعة تحتفظ فيها باكستان، وفق تقارير إعلامية هندية، بترسانتها النووية.
ويقع الموقع الذي لم تؤكّد يوماً باكستان، أو تنفي وجود أسلحة نووية فيه على بعد نحو مئتي متر من مدن طالتها صواريخ هندية.
وأكّد الجيش الباكستاني طوال الأزمة، أن الخيار النووي غير مطروح.
وقال الناطق باسمه أحمد شريف شودري أمام الصحفيين: إن «نزاعاً من هذا القبيل هراء. وهو أمر لا يمكن تصوّره وقمّة الغباء لأنه يعرّض للخطر 1,6 مليار شخص».
- تظاهرة
ومنذ التسعينات، تمتلك الهند سلاحاً ذرّياً يمكن تحميله على صواريخ أرض-أرض متوسطة المدى. وتُجرى تجارب على صواريخ طويلة المدى، بحسب خبراء. أما باكستان التي أجرت أولى تجاربها في 1998، فهي تمتلك من جهتها صواريخ أرض-أرض وجوّ-أرض، قصيرة أو طويلة المدى، مزوّدة برؤوس نووية.
وأعلن الجيش الباكستاني، الأربعاء، أن المعارك تسبّبت بمقتل 40 مدنياً، و13 جندياً، في حين أبلغت الهند عن سقوط 16 مدنياً، و5 جنود على أراضيها.
وفي كراتشي، تظاهر آلاف الباكستانيين تأييداً للجيش، فيما أعلنت إسلام آباد الجمعة يوم «تكريم للقوّات المسلّحة.
وتتنازع الهند وباكستان السيادة الكاملة على منطقة كشمير منذ الاستقلال عن الحكم البريطاني، وتقسيمهما الدامي سنة 1947.
وأثارت هذه البقعة الواقعة في منطقة هملايا والتي تسكنها غالبية مسلمة عدّة حروب بين البلدين. ومنذ العام 1989، يشهد الشطر الهندي تمرّداً انفصالياً أودى بحياة عشرات الآلاف.
0 تعليق